قراءة في: "حُمرة خجل للأديب مجدي شلبي" بقلم الشاعر والناقد سعيد القاضي

قراءة في: "حُمرة خجل للأديب مجدي شلبي"
بقلم الشاعر والناقد سعيد القاضي
كما اخترع الطب كبسولات صغيرة يسهل تناولها لعلاج الأمراض الجسدية ابتكر الأدب كبسولات أدبية يسهل قراءتها لكشف وعلاج كثير من الأمراض الاجتماعية والسلوكية التى تعج بها المجتمعات البشرية.
وقلة من الأدباء مَنْ يملكون المهارة التي تختزل آلاف الكلمات في سطر أو سطور قليلة وتحمل نفس المعاني... وقديما بعث أحد الأدباء الكبار لصديق له رسالة مطولة ثم اختتمها بقوله "عفوا... لو كنت أستطيع الإيجاز ما أطلت".
ثارت هذه المعاني في ذهني وأنا أقرأ المجموعة القصصية (حُمرة الخجل) للأديب مجدي شلبي... فبرغم أن القصة لديه أحيانا لا تتجاوز السطر أو السطرين إلا أنها تحمل من المعاني ما لا يستطيع غيره أن يعبر عنها في عشرات السطور... إنه رسام كاريكاتير... لكنه يستخدم الحروف في رسم لوحاته بدلا من الخطوط.
تحول القلم في يد مجدي شلبي إلي جهاز أشعة يكشف بؤر الفساد والأمراض المختبئة في تلافيف المجتمع .. بل وتحول سن قلمه إلي إبر لوخز النتوءات الضارة في جسم المجتمع لحقنها بالأمصال بعد كشفها.
اقرأ مثلا "ضربة استباقيه" لتلمس الصورة التي رسمها للتجاوزات الأمنية التي كانت... وربما لا تزال...
اقرأ "الحل الأيسر" لتري كيف رسم الوسائل المبتكرة التي يلجأ إليها البعض للتقرب من المسئول.
اقرأ "المزلقان" لتشاهد صورة مرسومة بالحروف للفساد الذي يعطل مصالح الناس للحصول علي رشوة.
كما تعمق في دهاليز النفس البشرية حينما تحدث عن الشك في قصة "الغيرة"... ويا لها من صورة تلك التى رسمها في "اشتباك" وكلمته المعبرة في ذات القصة – جلس مغمض الحياء -
ولا أنس تلك الصورة المقززة المنفرة لبعض الكتاب في قصة "الانفلونزا هي الحل"... ولنقده لبعض الإعلاميين في "إيماءة شكر" التى علقت عليها في حينها حينما قلت له:
يا صديقي، يا عزيزي** لا تلـمْ تلك المذ يعــهْ
إنها بنتُ زمــان ٍ ** يـرتـدي ثوبَ الخدِ يعَـــــهْ
إنها في الرَّغـْيِ أستاذٌ ** وفـي الحَكْي ِ ضليعَهْ
إنهــا تـختار ضيفاً ** رأســـه الفاضي مُطيعَــهْ
كي تصبَّ الرَّغـْيَ فيه ** وِفْـقَ موْجاتٍ سريعَهْ
ضـيفها (الشَّمْلُولُ) هذا ** كـالحماماتِ الوديعَهْ
تلـقـط الحَـــبَّ وتغـفـتو ** ثم ..نلقاهــا صريعَـهْ
ولم ينس الأديب مجدي شلبي أن يشير إلي أسباب هذه الأمراض في قوله: "متى تعودين يا حمرة الخجل" عندما قال: (أُطلق علي الطيبة: عبط، والصراحة: وقاحة، والانتهازية: فهلوة، والسرقة: شطارة، والعري: جمال، والإباحية: تحضر، والتضليل: كياسة، والخداع: فطنة ، والكذب: حسن تصرف، والتمويه : سياسة).
الأديب مجدي شلبي أحييك علي هذا الإبداع الجميل وتعليقا إجماليا علي لوحاتك الفنية التى تعري الأمراض الاجتماعية وبالأخص "متى تعودين يا حمرة الخجل" إليك هذه الأبيات التى باح بها قلمي المتواضع:
إذا ما الطفل لم يشربْ رحيقاً *** من الأخلاق من زمنِ الرضاعَهْ
سـيمضي في الحـياة بغير قلبٍ *** ويَرْتَعُ في الخـطايا عن قناعهْ
وصُـنّاع العقــول إذا تراخــوْا *** ستنهار المصانع والصناعَــــهْ
ومَـنْ فَقَــد الضمير فلا تَلُمْهُ *** فلَوْ طلب التّعففَ.. ما استطاعَــهْ
وفي انتظار الجديد من إبداعاتك.
سعيد حسين القاضي