أول يوم دراسة
رفض الصغير دخول باب المدرسة؛ جذبته أمه بعنف؛ ألقت به في ساحة طابور الصباح، و انصرفت لعملها؛ صرخ بشدة و هلع، لكن صياح مدير المدرسة في الميكرفون ابتلع صراخه:
ـ "اسمع يا كلب أنت و هو، مش عاوز صوت، اتكتموا خالص، اثبت مكانك، لو ثعبان قرصك في الطابور؛ لا تتحرك...".
اقشعر جسده، و امتلأ قلبه رعباً؛ من تلك الثعابين المحتملة التي ستهاجمه، و هو ممنوع من المقاومة أو الهرب!.
رغم حرارة الشمس؛ شعر بقشعريرة شديدة و رغبة ملحة في الذهاب إلى الحمام.
استمرت الإذاعة المدرسية في بث برامجها الإجبارية على مستمعيها من الأطفال، ثم جاءت حكمة اليوم بعنوان: (إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب)؛ أعقبتها نشرة الأخبار...
نظرات عينيه حملت رسالة استغاثة إلى السور البعيد، أن يقترب منه و يحنى رأسه كي يصعد عليه، و يحمله إلى البيت، على طريقة أفلام الكرتون التي يعشقها... لكن السور اللعين لم يستجب لاستغاثته؛ فقلبه قُد من حجر؛ رفع الصغير بصره برفقة العلم الذي يرتفع رويداً رويداً على الصارى؛ فسبح بعينيه في فضاء السماء الفسيح، ثم عاد مفزوعاً على صوت أجش قبيح يحيي العلم...
ـ "تلاميذ الصف الأول يطلعوا على الفصول بسرعة".
على أصوات قرع طبول حرب، انطلق الأطفال إلى فصولهم انطلاقاً عشوائياً، و هم يتنفسون الصعداء من طابور العقاب بلا ذنب جنوه!.
غير أن صغيرنا ظل واقفاً مكانه كشجرة خائفة؛ بلل ساقها المرتجف تساقط عرقه و أشياء أخرى...